اعتبرت منظمة الصحة العالمية حمى إيبولا التي تسببت في وفاة آلاف الأشخاص وسط وغربي أفريقيا، أسوأ أزمة صحية في العالم الحديث. وأفادت رئيسة المنظمة مارغريت تشان خلال مشاركتها في مؤتمر بالعاصمة الفلبينية مانيلا يوم الاثنين، بأن الوباء أخطر وأعنف أزمة صحية تواجه العالم في العصور الحديثة.
ماهي تصوراتنا عن فيروس “ايبولا”؟ نحن نسمع يوميا عن اصابات جديدة، تذكرنا بتفشي أمراض أخرى مثل انفلونزا الطيور وانفلونزا الخنازير، ونضعها الى جانب امراض اسطورية قديمة التي بسببها تنزف العيون دماَ وغير ذلك. وبالنتيجة يظهر اننا لا نعرف إلا القليل عن حمى “ايبولا”، التي يجري الحديث عن تحولها الى وباء.
رغم ان الرئيس الأمريكي باراك أوباما أعلن ان هذا الفيروس يصيب كل من يعتني بالمريض، إلا اننا لو درسنا هذه المسألة بتمعن لوجدنا ان عدد الوفيات بسبب هذا الفيروس ما زالت لا تزيد عن 50 بالمائة من الاصابات. كما ان عدد المصابين قليل، مقارنة بإحصائيات الوفيات في افريقيا، التي تشير الى ان عدد الوفيات بسبب هذا الفيروس أكثر بقليل من 4 آلاف وفاة، في حين عدد الوفيات بمرض نقص المناعة “الايدز” أكثر من مليون، وان الاسهال يسبب أكثر من 600 ألف وفاة، ويسبب الجوع وسوء التغذية وفاة أكثر من 200 ألف شخص سنويا في افريقيا.
يجب أن يعرف الجميع، ان سبب ارتفاع الوفيات في ليبيريا وغيرها من البلدان الأفريقية بهذه الحمى، ناتج عن الظروف الحياتية والصحية السيئة، إضافة الى استخدام لحوم الحيوانات البرية في التغذية.
الحقائق التي نذكرها ادناه ستساعدنا في معرفة ما ننتظر من هذا الفيروس ومما نخاف وبماذا نثق ونصدق:
1 – الوباء الحالي – هو الأوسع في التاريخ، ولكنه ليس الأول
اكتشف فيروس “ايبولا” في زائير “ جمهورية الكونغو الديمقراطية” حاليا عام 1976 وبعدها تفشى هذا الوباء 20 مرة. بلغ عدد الوفيات بسبب الفيروس حتى نهاية السنة الماضية 1548 والاصابات 2357 ، جميعها في افريقيا، ولم ينتقل المرض الى خارج القارة الأفريقية. حاليا بلغت الاصابات اكثر من 8 آلاف اصابة والوفيات أكثر من 4000 اضافة الى انتقال المرض الى بلدان خارج القارة السوداء.
ينتشر الفيروس عن طريق الاتصال مع سوائل الجسم، التعرض لإفرازات المريض من العرق، والقيء، والإسهال، والدم. كما يمكن ان ينتقل عن طريق السائل المنوي. وفيروس إيبولا من الفيروسات الفريدة من نوعها إلى حد ما، وذلك لأنه يبقى يحافظ على ضراوته حتى بعد وفاة المصاب. وهذا يعني أن الذين يقومون بإعداد الجسم للدفن بعد الوفاة يجب عليهم اتخاذ الاحتياطات القصوى.
3 – أعراض المرض متفاوتة في درجتها
بعض المصابين تنزف الدماء من عيونهم وآذانهم وأنوفهم، والبعض الآخر تظهر عليهم أعراض شبيه بأعراض الانفلونزا، مع التقيؤ والغثيان والاسهال والتعرق. كما قد تظهر علامات اضطراب الذاكرة وتساقط الشعر وتشقق الجلد.
4 – فيروس “ايبولا” لأول مرة يصل الى الولايات المتحدة الأمريكية
أعلن المركز الوطني للأمراض المعدية والوقاية منها في 30 سبتمبر 2014 عن تسجيل أول اصابة بالفيروس في الولايات المتحدة، وبعد 9 أيام توفي المصاب. وفي 12 اكتوبر الجاري اعلن عن اصابة الممرضة التي كانت تعتني بالمتوفي.
أصاب فيروس “ايبولا” حتى الآن أكثر من 8 آلاف شخص في عدد من البلدان، وحسب توقعات المركز الوطني الأمريكي للأمراض المعدية والوقاية منها، سيرتفع هذا الرقم الى 1.4 مليون شخص في يناير المقبل. أما منظمة الصحة العالمية فتوقعت ان يبلغ عدد المصابين في شهر نوفمبر المقبل 20 ألف مصاب.
6 – من الصعوبة التكهن بحجم الوباء
عندما نتحدث عن اصابة أكثر من 8 آلاف شخص ووفاة أكثر من 4 آلف منهم، يجب ان نأخذ بالاعتبار ان هذه ارقام تقديرية، لأن جمع احصائيات في افريقيا عملية صعبة جدا. كما هناك ما يشير الى ان هذه الأرقام مزورة وغير صحيحة، سعيا لإخفاء المعلومات الحقيقية عن الاصابات والوفيات.
7 – الفقر هو السبب الرئيس لانتشار المرض
البلدان الأفريقية الثلاثة التي تضررت أكثر من غيرها بهذا الفيروس – غينيا وسيراليون وليبيريا- هي بلدان فقيرة جدا، ومنظومة الرعاية الصحية فيها ضعيفة جدا. فإذا كانت الولايات المتحدة تنفق سنويا ما يعادل 8 آلاف دولار على صحة الفرد الواحد، فإن هذه البلدان تنفق أقل من 100 دولار.
8 – الأطباء يخافون من الإصابة بالفيروس
تتطلب الوقاية من هذا الفيروس مراعاة مسائل عديدة مثل استخدام اقنعة ونظارات وملابس وقفازات وأحذية خاصة، عند الاختلاط بالمصاب. الشيء المؤسف ان هذه الوسائل غير متوفرة في بعض البلدان الأفريقية وفي بعضها الآخر غير كافية، لذلك اصيب المئات من العاملين في مجال الطب وتوفي منهم العديدون.
9 – الفيروس ليس وحده الذي يقتل
يجب ان نعلم ان الفيروس ليس الوحيد الذي يتسبب في اصابة ووفاة العاملين في مجال الطب وغيرهم. لأن هناك حالات يجري فيها شن هجمات على الأطباء والصحفيين وكل من ينشر معلومات عن كيفية الوقاية من هذا المرض. السبب في ذلك ان سكان بلدان غرب افريقيا يعتنون بمرضاهم دون الرجوع الى الأطباء.
10 – بطء تفاعل البلدان المتطورة مع انتشار الفيروس
لقد عرف الفيروس منذ زمن، ولكن لغاية اليوم كان يتفشى محليا، لذلك فإن منظمة الصحة العالمية لم تسرع فورا الى اتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع انتشاره اكثر، إلا بعد مضي ثلاثة أشهر على بداية انتشاره هذه السنة.
11- كلما ساءت أوضاع أفريقيا تسوء أوضاع الجميع
لقد تجاهل الغرب فيروس “ايبولا” لأنه لم يسبق له ان انتشر ابعد من بعض المناطق في افريقيا. ولكن في الواقع ان سوء الأوضاع في افريقيا سيؤدي الى ارتفاع عدد المصابين في البلدان المتطورة حتما، عن طريق الأطباء والسياح. ان السبب في هذا يكمن في مدة حضانة الفيروس التي قد تصل الى 21 يوما، أي ان الشخص المصاب لا يشعر مباشرة بإصابته بهذا الفيروس.
12 – الأدوية غير متوفرة
رغم ان الفيروس اكتشف قبل حوالي 40 سنة، إلا انه لا يوجد حتى الآن مصل ضده، وان العمل في هذا المجال بطيء جدا. كانت هناك دراسات ممولة في الولايات المتحدة بشأن ذلك، ولكن هدفها كان صنع سلاح بيولوجي على اساس فيروس “ايبولا”. حاليا ازداد التمويل بسبب تفشي الوباء في افريقيا، ولكن أليس هذا متأخرا جدا؟
13 – الفيروس يقوض الاقتصاد والبنية الاجتماعية للدول
عندما نتحدث عن الوفيات بسبب هذا الفيروس، يجب ان نعير اهتماما خاصا الى حقيقة كون العديد من الوفيات سببها عوامل لها علاقة غير مباشرة بعوامل انتشار الفيروس. فقد اعلن البنك الدولي ان المرض يمكن ان يسبب كارثة اقتصادية في بلدان غرب افريقيا. لأن المؤسسات الصناعية ستتوقف عن العمل والمدارس ستغلق. أما منظمة الصحة العالمية فتؤكد ان عدد الوفيات بسبب الجوع أكثر من الوفيات بسبب “ايبولا”.