الحويني يحذر السيسي: "لا تتورط في سفك دماء المصريين واذكر مقامك بين يدي الله يوم القيامة وجه فضيلة الشيخ أبو إسحاق الحوينى، عضو مجلس شورى العلماء، رسالة إلى الأمة المصرية، والتى خصص لها "الحوينى" عنوان "هذه كلمتى فى أحداث مصر الجسام"، تناول فيها: "ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين، رب اشرح لى صدرى ويسر لى أمرى واحلل عقدة من لسانى يفقهوا قولى.. فإن الله جلّ ثناؤه أخذ على أهل العلم الميثاق أن يبينوا للناس ما أُشكل عليهم فقال تعالى: (وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ).
فوجب أن أبين ما أراه تجاه الأحداث الجسيمة التى تتعرض لها مصر، لا سيما بعد ما سمعت بيان الفريق أول عبد الفتاح السيسى منذ يومين، والذى يدعو فيه جموع الشعب إلى النزول إلى الميادين، ويعتبر هذا تفويضًا منهم له فى استخدام القوة فى التعامل مع المخالفين العزل، وقد فزعت أشد الفزع من هذا، ورأيته أمرًا منكرًا لا يجوز شرعًا ولا عرفًا، وقد حملنى ذلك - خوفا من الله تعالى - أن أكلم واسطة بينى وبين الفريق السيسى، وأن ينقل له صوتى، وأنّ كلامه هذا قد يؤدى إلى حرب أهلية، وفيه ما فيه من سفك الدماء المحرمة.
والذى دعانى إلى هذا ما لمسته من الفريق السيسى آنذاك من محبة للدين، وقد التقيت به، كما أشار فى خطابه، يوم أن كان مديرًا للمخابرات الحربية، أنا وطائفة من المشايخ الفضلاء، منهم: الدكتور عبدالله شاكر، رئيس جمعية أنصار السنة، والدكتور محمد عبد المقصود، والدكتور محمد يسرى، والدكتور محمد عبد السلام، والمشايخ محمد حسان ومصطفى العدوى، وتكلمنا كثيرًا فى أوضاع البلاد، ولمست منه بعد هذا اللقاء أنه رجل متدين، واليوم أخاطب فيه هذا الجانب، وأخوفه بالله تعالى أن يسأله عن الدماء التى ستسيل بسبب بيانه، وأذكره بأن أول ديوان يُقضى فيه يوم القيامة هو ديوان الدماء، كما صح هذا
عن النبى صلى الله عليه وسلم من حديث ابن مسعود وغيره.. فالله الله فى الدماء المعصومة المحرمة. وأذكّر المسئولين بما فعله أبومسلم الخراسانى، فهذا الرجل قتل أكثر من مائة ألف نفس لتوطيد ملك الدولة العباسية، ووليها السفاح أول خليفة عباسى على جماجم بنى أمية وعوام الناس الذين ليس لهم مذهب سياسى، ولم يتهنّ أبو مسلم الخراسانى طويلًا بما فعل، فإنه لما ولى أبو جعفر المنصور خلافة الدولة بعد السفاح قتل أبا مسلم الخراسانى ومضى إلى الله بأقبح حال وبدماء كثيرة فى عنقه. وأنا أقول للفريق السيسى - وأنا والله أحب لك الخير وأريد زينك - لا تتورط فى هذا، واذكر مقامك بين يدى الله تعالى وحيدًا (يَوْمَ تَأْتِى كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا)، فالخلاف السياسى لا يُنهيه سفك الدماء؛ بل هذا قد يجر البلاد إلى فوضى عارمة وبحر من الدماء لا يعلم إلا الله تعالى مآله، ولكن الحوار مع المخالفين أجدى.